كنت قد كتبت في تدوينة سابقة عن أحد أشهر المنصات الخاصة بال (CrowdFunding) وأكثرها انتشاراً، وهي الخاصة بموقع GoFundME، ونبّهت حينها على أنها تعتمد بشكل أساسي
على النموذج الأول وهو ال (Donate-Based)،
وسأتحدث في هذه التدوينة عن أكثر القصص نجاحاً عبر هذه المنصة والتي جمعت أكبر قدر
من الأموال منذ انطلاقها، وذلك لإعطاء القارئ صورة أوضح عن نوعية المشاريع أو
الحملات التي تناسب هذا النوع من المنصات.
أولى هذه القصص والتي تتربع على عرش القائمة حتى تاريخه، هي قصة
الفتاة Eliza ابنة الأربعة أعوام والتي
تعاني من مرض نادر، يتطلب توفير علاج له مبالغ طائلة، وEliza اليوم تتصرف وتتحرك وتتكلم بشكل طبيعي، ولكنها في
غضون شهور قليلة ستصبح غير قادرة على الكلام ثم ستفقد بعدها القدرة على المشي، وفي
غضون سنوات قليلة سيوافيها الموت مالم تبدأ بالبرنامج العلاجي في أسرع فرصة ممكنة،
وقد استطاعت هذه الحملة التي قام بها والداها وأطلق عليها اسم (Saving Elize) جمع ما يزيد عن المليون دولار في أقل من
شهرين، لترتفع الحصيلة النهائية فيما بعد لما يزيد عن المليونين دولار، وكان متوسط
قيمة المساهمة أو الدعم هو 56 دولاراً فقط.
ومن القصص الناجحة – على الرغم من بساطتها وتكرارها – هي قصة السيد
ماثيو بيكر، الذي توفي في حادث سيارة مخلّفاً وراءه زوجته وستة أطفال، فانطلقت
حملة قادها أصدقاء العائلة، وقد استطاعوا من خلال التركيز على أطفاله اليتامى
وصعوبة استمرار حياتهم بعد وفاة معيلهم الوحيد من جمع ما يزيد عن ال750000 دولار
خلال فترة وجيزة، ومن عوامل نجاح حملتهم كذلك تركيزهم على سيرة حياة الراحل وعرضها
باعتباره رجلاً طيباً قضى حياته في الاهتمام بالآخرين ومساعدتهم، كما لا تختلف
كثيرا قصة السيدة نيكي روجان أرملة
السيد مارك روجان، والتي توفي زوجها في حادث سيارة كذلك وهي في طريقها لوضع طفلهما
(الثامن)، لتصبح أرملة مسؤولة عن رعاية أطفالها الثمانية فتنطلق حملة الكترونية
لمساعدتها وتنجح في جمع قرابة ال500,000 دولار في غضون ستة أشهر.
ولعلّ ذلك يقودنا إلى الحملة التي أطلقتها صديقة السيدة Erica Morales، والتي بدأت رحلة طويلة من العلاج لتتمكّن
من الانجاب، وقبل أن تتوج رحلتها بالنجاح بولادة أربع توائم مرة واحدة، كان أجلها
أسرع فقضت نحبها أثناء الوضع، وتقوم صديقتها بمحاولة جمع الأموال اللازمة لرعاية
هؤلاء الأطفال باطلاق هذه الحملة لتنجح في جمع ما يقارب ال500,000 دولار في غضون
عشرة أشهر وبمعدّل مساهمة 36 دولاراً فقط.
ولعلّ البعض يظنّ إن إطلاق هذا النوع من الحملات (Donate-based) ونجاحها عبر هذه المنصات يتطلب جهداً
استثنائياً أو ربما خبرة إعلامية في التصوير والانتاج والتسويق، إلا أن نظرة سريعة
على قصة Liza ؛ تلك الفتاة المصابة بأحد
أنواع السرطان، والتي لم تجعل المرض عائقاً يحول دون المضي قدماً في حياتها حتى
حين علمت بأنّه لم يتبقى لها للعيش إلا عدة أسابيع - بحسب ما يقوله الأطباء -،
فقررت الاستعجال في إتمام مراسم زفافها ودعوة أفراد عائلتها وأصدقائها المقريبن
للاحتفال معها في هذه المناسبة، فقامت أختها بعد ذلك وبإلهام من شقيقتها بإطلاق
حملة بعنوان (Love For
Liza)
لجمع التبرعات لدعم أبحاث هذا النوع من السرطان، والمساهمة في الصندوق الذي تمّ
إنشاؤه خصيصا لعلاج المصابين بهذا النوع من السرطانات، فأنتجت فيديو غاية في
البساطة لا يحوي إلا مجموعة من الصور لشقيقتها مع خطيبها بالإضافة إلى بعض الصور -
بكاميرا متواضعة - من حفل الزفاف، ثم رفعتها على الموقع مع ذكر الهدف من الحملة
باختصار بسيط، لتنجح في جمع ما يزيد عن ال500,000 دولار في غضون أسابيع قليلة،
وللاطلاع على الفيديو وبساطته يمكنكم زيارة الرابط التالي هنا:
كما يمكنكم الاطلاع على
تفاصيل القصة التي ألهمت هذه الحملة هنا:
ولعلّ من القصص التي تستحق المشاركة هي قصة آلان بارنز (Alan Barnes)، وهو رجل يبلغ من العمر 67 عاماً ويعاني من
مجموعة من الإعاقات يتعرّض للضرب والسرقة بجانب منزله، فيخشى من العودة إليه ويرغب
بالبحث عن مأوى آخر، وكان كل ما يحتاجه للانتقال هو مبلغ 750 دولار أمريكي، ولم
يفكّر آلان - بحكم إعاقته وكبر سنه – بكيفية الحصول على هذا المبلغ البسيط، إلا أن
شخصاً غريباً - سمع بقصته – وقرر إطلاق حملة لجمع هذا المبلغ المتواضع ومساعدة ذلك
الرجل العجوز، لتنال القصة شهرة واسعة وتجمع ما يقارب ال500,000 دولار أمريكي
وبمعدّل مساهمة لا يتجاوز ال20 دولار أمريكي لكل متبرع، مما حدا بآلان لكي يطلب من
الجمهور (The Crowd)، أن يتوقفوا عن التبرع
له لأن ما وصله يفوق بكثير ما يحتاجه.
وإذا كنّا أعلاه قد ذكرنا أكثر القصص نجاحاً – من خلال النظر إلى حجم
الأموال التي تمّ جمعها -، إلا أن هناك العديد من القصص الملهمة الأخرى، والتي وإن
لم تكن قد جمعت مبالغ كبيرة، إلا أنها نجحت في جمع ما ترغب بالحصول عليه – مهما
كان المبلغ صغيراً -، كقصة تلك الفتاة المتوفقة في جامعة بوسطن والتي عجز والداها
عن دفع مصاريفها الدراسية، مما يهدد بقاءها في الجامعة وإكمال دراستها فقررت إطلاق
حملة لجمع مبلغ 5000 دولار فقط - قيمة الرسوم الدراسية لفصل واحد -، لتنجح في
جمعها في غضون 27 ساعة فقط.
المزيد من القصص عبر هذا الرابط قصص ملهمة.
أرجو أن أكون قد تمكنت من خلال هذه التدوينة من إعطاء صورة واضحة عن
نوعية المشاريع والحملات التي تتناسب مع نموذج ال (Donate-Based) في ال (CrowdFunding)، والذي تعدّ منصة (GoFundMe) أشهر منصّاته، بالإضافة إلى مجموعة من
المنصّات الأخرى التي تعتمد ذات النموذج.