‏إظهار الرسائل ذات التسميات محليات. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات محليات. إظهار كافة الرسائل

الأحد، 15 يناير 2012

البنوك الإسلامية- مخالفة، جنحة، وجريمة



قبل عدة أعوام ابتكر أحد المدراء طريقة جديدة في التعامل مع تأخر الموظفين عن مواعيد الدوام، حيث قام باستحداث نظام يقوم على فرض غرامات مالية مقابل كل دقيقة تأخير أو غياب، أياً كان السبب، ولا يشفع للموظف إن قام بالتعويض عن فترات الغياب في وقت آخر، وعلى الموظف الذي غاب لسبب طارئ أن يتقدم بطلب مصحوباً بكافة الاثباتات والأدلة وأن يخوض حرباً لعدة شهور مع إدارة الشؤون المالية والإدارية لاثبات الحالة الاضطرارية لأن الأصل عند هذه الشركة هو الإدانة وليس العكس، وقد وجد له القانونيين كل المسوغات القانونية والشرعية لتصرفه اللاأخلاقي.


وذراً للرماد في العيون قام أحد دهاة القانون -وبايعاز من إدارة الشركة- بادخال تعديل بسيط على الإجراء الجديد ينص على أن كافة الغرامات سيتم إيداعها في صندوق خيري لدعم ومساندة الموظفين وعائلاتهم عند الضرورة أو الحاجة، وهو الأمر الذي جعل الكثيرين يرضخون للقانون الجديد ويتقبلونه على مضض.


مضت الأيام، وتعرض الكثير من الموظفين لحالات من العجز والمرض، ومع ذلك لم يحصلوا على شيء من ايرادات ذلك الصندوق، وعند السؤال والاستفسار تبين أن إدارة الشركة قامت بتوزيع العائد الأكبر من ايرادات الصندوق على المعوزين من موظفي إدارة الموارد البشرية والإدارة العليا، رغم أن نسبة الموظفين في هذه الأقسام لا تتعدى ال10%، والأدهى من ذلك أن تتباهى هذه الشركة في وسائل الإعلام المحلية والاقليمية بانجازات الصندوق وكيف ساهم في مساعدة موظفي الإدارة العليا دون غيرهم، رغم أن أغلب ايرادات الصندوق جاءت من موظفي الأقسام الأخرى


_____________________________________________________


ما ورد أعلاه هو بالضبط ما قام به بنك دبي الاسلامي حين أعلن عبر مؤسسة دبي الاسلامي الإنسانية عن تبرعها بمبلغ 10 ملايين درهم لنزلاء المؤسسات العقابية من "المواطنين" فقط، وكأن أبناء الجنسيات الأخرى لا يستحقون تسديد مديونياتهم.


المخالفة كانت عبر الفتوى -سيئة الذكر-، والتي تنص على الزام المدين بالتبرع في حال تخلفه عن السداد، وهي الفتوى التي تسرع أصحاب الفضيلة والعلماء باطلاقها حفاظاً على حقوق المؤسسة المالية ومنعاً لمماطلة العملاء، دون التأكد من قابلية المؤسسات المالية لتطبيقها بشكل أخلاقي، بحيث لا يتم الإلزام بالتبرع الا عند التأكد من مماطلة العميل، وليس العكس عبر افتراض أن المماطلة هي الأصل، وكأن جميع العملاء عبارة عن مماطلين مع سبق الاصرار والترصد، إضافة إلى افتقار الفتوى إلى عنصر النية الذي هو أصل في عقود الهبة كالصدقة وغيرها.

الجنحة جاءت عبر التطبيق العملي لهذه الفتوى، فعند النظر إلى المقاصد والمآلات بالنسبة للعميل، فلا أجد أي فرق يذكر بين البنوك الربوية والبنوك الاسلامية، فالعميل المتخلف عن السداد -أياً كان السبب- سيغرق في دوامة الديون التي لا فكاك منها، وسيبقى تحت رحمة البنوك، إضافة إلى أن الأصل في الأفراد والمجتمعات أن التخلف عن السداد هو الحالة الاستثنائية، وأن على البنك إثبات المماطلة قبل فرض الغرامات وليس العكس، وأتمنى من القراء أن يطلعوني ولو على حالة واحدة حقيقية عن رجل تخلف عن السداد وقام البنك الاسلامي بإعفائه من الغرامات للاعسار، لعلي أحسن الظن مرة أخرى في بنوكنا الاسلامية.

أما الجريمة فكانت عبر حصر التبرعات في فئة معينة من الناس، وهو الأمر وإن كان محموداً في الظاهر، الا أنه مذموم في الكثير من جوانبه، فموارد الصندوق -أياً كان مصدرها- جاءت من مختلف فئات المجتمع، وبالتالي فالبنك والمؤسسة الخيرية التابعة لها مدينة لهذا المجتمع بكافة فئاته دون تمييز، ولكم أن تتخيلوا هيئة إغاثية في أفريقيا تقوم بتوزيع الأغذية والبطانيات على أبناء قبيلة واحدة دون غيرهم لتعرفوا حجم الجريمة التي تطعن في أخلاقية البنك ومؤسسته الخيرية.

مجرد رأي نسعى من خلاله إلى تصحيح المسيرة، مع تأكيدنا على الجهود المبذولة من بنوكنا المحلية في دفع مسيرة البنوك الإسلامية إلى الأمام، دون إغفال دور مؤسسة دبي الإسلامي الإنسانية في دعم العمل الخيري وجهود الهيئات والمنظمات الخيرية داخل وخارج الدولة.

الثلاثاء، 1 ديسمبر 2009

دبي، عام على الأزمة (دروس وعبر)

إذا أتتك مذمتي من ناقص ..................................... فهي الشهادة لي بأني كامل



 
...............................................................................................................


في التاسع عشر من نوفمبر 2013 انهارت بورصة كمبياسا انهيارا تاما، وفي الثامن من مارس 2016 أعلنت شركة لالابيبا إفلاسها وخسارتها لأكثر من مليار دولار، وفي الرابع والعشرون من يوليو 2017 هبطت أسعار العقارات إلى الحضيض في سمنكا مما أدى إلى انهيار العديد من البنوك وشركات الاستثمار وتضرر قطاع عريض من المواطنين والمقمين.


ما الذي حدث بعد ذلك؟ خبر صغير في إحدى الصفحات الداخلية لجريدة كرياتو وجريدة جرينجو.


...............................................................................................................


رئيس البورصة في وول ستريت يصاب بالزكام، ويغيب عن العمل اضطراريا، فتبدأ التكهنات والتوقعات حول سبب الغياب، مما يثير الرعب في أوساط البورصة، لتهبط أغلب الأسهم عند حدودها الدنيا، وتتأثر أسواق المال في جنوب شرق آسيا وشمال غرب أوروبا، وتصدر صحيفة النيويورك تايمز ملحق خاص عن تداعيات الأزمة.


عمدة لندن تصاب ابنته بمرض غامض، يضطر على إثره لعرض منزله الواقع في وسط لندن بسعر رخيص نسبيا للحصول على السيولة على وجه السرعة، فتهتز لندن لذلك الخبر وتهبط أسعار العقارات أكثر من 30 % في كافة أنحاء أوروبا، ويسحب المستثمرون أموالهم من الأسواق الغربية في أوروبا وشمال أمريكا، وتتأثر المشاريع التنموية في القارة السمراء لعجز الدول المانحة عن التمويل.


في اليوم التالي، تتصدر أخبار الأزمتين الصفحات الأولى في كبريات الصحف العالمية ، وتصدر التايمز اللندنية و الواشنطن بوست الأمريكية ملاحق خاصة حول الموضوع، وتقدم الCNN  والBBC  نشرات إخبارية على مدار الساعة لمتابعة تطورات الأحداث.


...............................................................................................................


يحق لإمارة دبي أن تفخر، بأن طلب إحدى الشركات الخاصة التي تتخذ من دبي مقرا لها تأجيل ديونها يؤدي إلى كل هذه الضجة والبلبلة، ويثير الفزع في كل أنحاء العالم، وهو الأمر الذي يدل على قوة الإمارة وأنها قد استطاعت أن تتبوأ مكانة مرموقة وتصبح أحد اللاعبين الرئيسيين في أسواق المال والإقتصاد لا العكس كما يحاول أن يروج البعض.


...............................................................................................................


بعد أحداث سبتمبر 2001 تنبأ الكثيرون بانهيار الولايات المتحدة الأمريكية كنتيجة طبيعية لانهيار البرجين، وهاهي أمريكا وبعد 8 سنوات وعدة حروب مرهقة اقتصاديا ما زالت تتحكم في الاقتصاد على مستوى العالم، وما زال الدولار عملة التداول الرئيسية في كافة المعاملات التجارية الدولية مشكلا مع النفط والذهب ثالوث الاقتصاد المقدس.


أمريكا رغم إدعاء البعض بأنها مثقلة بالديون، يتجاهلون بأن العبرة ليست في حجم الدين نفسه، وإنما بما لك وما عليك، لن أجادل في حقيقة أن أمريكا هي صاحبة أكبر مديونية في العالم تتجاوز ال13 تريليون دولار، ولكنها في الوقت نفسه هي صاحبة أكبر ناتج في العالم يقدر بأكثر من 14 تريليون دولار (نسبة الديون إلى الناتج 93%)، ويعرف علماء الاقتصاد جيدا بأن هذه نسبة مثالية بأن يكون الدين الخارجي أقل قليلا من الناتج المحلي (تعتبر الجزائر صاحبة أقل نسبة في العالم حيث لا تتعدى ال3%، وهي ليست أقوى دولة اقتصادية بالطبع)، وهو ما يضع أمريكا حتى اللحظة في موقف تنافسي واقتصادي قوي متفوقة على كل دول الاتحاد الأوروبي بما فيها ألمانيا وفرنسا، وبريطانيا التي يفوق فيها الدين الخارجي إجمالي الناتج المحلي بأكثر من الضعف (178%و 236%و 408% على التوالي)، كما تستهلك أمريكا قرابة نصف إنتاج العالم من النفط الخام لتحريك عجلة الحياة على أراضيها.


أمريكا ليست برجين فقط !!!!!!


...............................................................................................................


وكذلك الحال في دبي، فدبي ليست نخلة في البحر، دبي هي نقطة التقاء الشرق والغرب، دبي هي بنية تحتية قوية وبيئة استثمار مثالية، دبي هي ملتقى رجال المال والأعمال وأرض الصفقات (تتشارك دبي مع هونغ كونغ وسنغافورة بأكبر عدد من المعارض في العام تقام على أراضيها)، دبي مدينة تجارية قبل أن تكون أرض عقارية، دبي مدينة الفرص وأرض الأحلام.


...............................................................................................................


رغم إيماننا بقدرة دبي على الصمود والارتقاء عاليا، وأن الأزمة ماهي إلا سحابة صيف ما تلبث أن تنقشع، إلا أن على المسؤولين في دبي استخلاص العبر من الأزمة، وعدم الجلوس في برج عاجي يحول دون الاستفادة من تجارب الآخرين ومن السنن الكونية، وتتلخص هذه الدروس والعبر فيما يلي:

  • إن الإصرار على التعاملات الربوية يقود المجتمعات إلى الهاوية.

  • ضرورة توجيه أغلب رؤوس الأموال الإسلامية صوب مشاريع التنمية الحقيقية (قطاع الصناعة والزراعة) وأن تكون الاستثمارات في القطاعات الأخرى (السياحة والعقار) استثمارات مكملة.

  • أهمية الاهتمام بالطبقة الوسطى، فنسبة كبيرة من ديون دبي كان سببها المشاريع العقارية الموجهة للأثرياء، وتكمن المشكلة في قلة أعدادهم وانسحابهم عند أول أزمة، ولو كانت هذه المشاريع موجهة للطبقة الوسطى لاستمرت عمليات البيع والشراء دون تأثير يذكر.

  • التحلل الأخلاقي، والتحرر والانحلال، والاستثمار في الأنشطة المحرمة (الدعارة، الخمور، القمار) لن يجلب إلا الخراب والدمار للمجتمعات الإسلامية تصديقا لقوله تعالى:


"ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون"


"وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً"


"وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ"



السبت، 2 أغسطس 2008

يوم للرجال فقط

وجعلنا من الماء كل شيء حي”، ااااااااااااااااااااااه كم أعشق الماء، وكم أعشق السباحة، كم أعشق الاغتسال وأسبابه، قصتي مع السباحة بدأت ولن تنتهي حتى تصبح أسطورة الأمريكي فيليبس من التاريخ، كانت البداية في برك الماء التي كانت تكونها مياه الأمطار في الساحات الخالية أمام منزلنا حين كانت نسبة ال 2.5% هي أقل ما يدفعه المواطن العادي في المواسم العادية للفقراء والمساكين ناهيك عن شهر الخيرات،  ولا أعرف إلى اليوم كيف كنت أنا وأخي نمتلك الجرأة الكافية لنعاود السباحة فيها المرة بعد المرة رغم العلقة الساخنة والساخنة جدا من أمي العزيزة، كنا نعود بنصف مبلول ونصف مطيون، كانتبحيرة البجع” أو “بركة القذارة” كما تسميها أمي!!!!! هي مدرستي الأولى في السباحة، وكانت المدرسة الثانية هي مسبح النادي القريب والذي تعلمنا فيه إضافة إلى السباحة الكثير عن الأحياء المجهرية والدقيقة من الأعشاب والطحالب وغيرها،  ثم جاءت مسابح الحدائق العامة التي لا أعرف سر السعادة التي كانت تنتابني وأخي حين ننزل في الماءالدافئ” جدا جدا، كنت أعود  دوما من هناك تائبا نائبا، فأهوال المحشر أصبحت أقرب إلى ذهني، مرورا بالسباحة على شواطئ البحر وفي نهر دجلة الذي لولا عناية الله وتدخل خالي في اللحظة الأخيرة لكنتم الآن تحتفلون بالذكرى السنوية العشرون لوفاتي، ثم جاء الفرج أخيرا بافتتاح الحدائق المالية الجميلة والرائعة جدا في أم القيوين ودبي وهذه قصة أخرى.


خمس سنوات قضيناها أنا وأصحابي في انتظار اللحظة التي سنزور فيها الحديقة المائية، فقد كان الاتفاق ألا نزورها حتى يتزوج آخرنا –من باب الاحتياط-، ويا ليتنا زرناها ونحن عزبا لكان الخطب أهون، تدخل الحديقة فتشاهد كل أنواع اللحوم، الحمراء والبيضاء والسمراء والسوداء باستثناء اللحوم المحلية والتي لا أشك أنها ستنزل الأسواق قريبا، تقترب منك القطط الآسيوية – لا أعرف لم يسمونها نمورا – عند كل محطة وقرب كل مخرج إما للتوديع أو للاستقبال، يتصل صاحبنا بزوجته ويسمعها كلمة الطلاق على الهاتف، ويرسل الآخر رسالة نصية قصيرة، والثالث يتذكر القاعدة الفقهية الأصولية الضرورات تبيح المحظورات وأن للضرورة أحكام، والرابع يرسل رسالة للجهات المختصة بتوفير مأذون أو جلاد في الحديقة،

لا أنكر أننا قد استمتعنا كثيرا وكثيرا جدا، لم يكن الماء هو السبب ولم نسبح أبدا لتكون السباحة هي السبب، خرجنا من الحديقة ونحن سعداء بهذه التجربة الجميلة والمغامرة الرائعة، كم تمنينا لو استطعنا الاستمتاع بها دون التفكير بأشياء أخرى، كم تمنينا لو أن كثيرا من أصدقائنا “المتزمتين” تنازلوا قليلا وأتوا معنا، تقدمنا باقتراح إلى إدارة المنتزه “بتخصيص” يوم في الأسبوع كي يتسنى للكثيرين حضور هذه الجنة دون دخول النار، أحسن المسؤولون استقبالنا ووعدونا خيرا بعد تبادل نظرات الاستهجان، بعد فترة من الزمن تطالعنا وسائل الإعلام المحلية بخبر تخصيص أيام في الأسبوع وليس يوما واحدا فقط لفئات معينة، استبشرنا خيرا، أخيرا سنتمكن من الاستمتاع دون أن نحمل آثاما ووزرا قد لا تكفره حجتان و17 عمرة (9 منها في رمضان)، أخيرا سنسبح باستخدام أطراف أربعة فقط، جاء التخصيص وكانت البداية بيوم “للعائلات فقط”، لا أعرف ما الحكمة من هذا اليوم خصوصا في مسبح أو حديقة مائية!!!!! ثم جاء التخصيص الأخير الذي انتظرناه طويلا، لكن السعادة لا تدوم فقد اكتشفنا انه لا مكان “للمتشددين” و”المتزمتين” وحتى “المحافظين” من الرجال فقد كان اليوم الآخر مخصصا “للنساء فقط”.