الاثنين، 2 فبراير 2009

العرب بين الفراعنة وأردوغان

ناقتـي ياناقـتـي لاربــاع ولاسـديـس
وصليني
لابتي مـن وراء هـاك الطعـوس
حائلاً رابع سنه من خيـار العيـس
عيـس
خفهـا
لادرهمـت كنـه بالنـار محسـوس


 


بهذه الكلمات بدأ ناصر الفراعنة قصيدته التي نقلته إلى عالم آخر، فأصبحت أيقونة تتناقلها الهواتف والمواقع الإلكترونية، وأهزوجة يرددها الأطفال، وعنوان قصيدته يخط على الجدران وعلى زجاج السيارات، وطالعها عبر موقع “YouTube” أكثر من ثلاث ملايين زائر، وتناقلتها الشعوب العربية من المشرق إلى المغرب رجالا ونساء وأطفالا، لتبدأ بعدها الحرب الإعلامية والمساجلات الكلامية وتراشق الاتهامات بين كل أطراف اللعبة، والتي لم تنتهي بعودة الفراعنة إلى بلده بدون المليون.

 
وكانت الناقة ذاتها سببا في اندلاع حرب البسوس في الجاهلية بين أعرق القبائل العربية بكر وتغلب واستمرت لأكثر من 40 عاما راح ضحيتها الآلاف من أبناء القبيلتين، وهو الأمر الذي أثار حفيظة “داحس” و”الغبراء” فعملا على إثارة حرب أخرى تزاحم البسوس في مكانتها، فأطلقتا شرارة الحرب بين عبس وذبيان، لتشترك بعدها العديد من القبائل العربية في حرب ضروس لأكثر من أربعين عاما أخرى، قدمت فيها القبائل العربية خيرة أبنائها ورجالاتها، وضحت فيها عبس بعنترة بن شداد لأجل عيون "الغبراء".


هكذا كان العرب دوما، قتال واستنفار، تشرذم وانقسام، حتى جاء الإسلام فهذبهم ووحدهم وجعلهم تحت راية واحدة وكلمة سواء، قال تعالى: “وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌالأنفال:63 


وكان أبو جهل وأبو لهب من العرب الأقحاح، ولا يستطيع أحد أن ينكر أن كفار قريش كانوا من أرقى الناس نسبا وأعلاهم حسبا، ومع ذلك فقد كانوا أشد الناس عداوة للذين امنوا، ورفعوا السيف في وجه خير البرية والخلق.


ولم يكن صهيب “الرومي” ولا بلال “الحبشي” ولا سلمانالفارسي” (رضي الله عنهم أجمعين) من العرب، ومع ذلك فقد كانوا خير معين وخير نصير لأمة الإسلام، ولعلها الحكمة الربانية أن ينتمي الثلاثة –جغرافيا- لأعتى ثلاث إمبراطوريات في ذلك الزمان وأشدها عداوة للعرب، وكأنه درس رباني بأن رابطة الدين دوما أقوى وأعز وأخير من رابطة النسب والوطن.

   
ولكننا نأبى أن نستوعب الدرس، فعلى مدى عقود من الزمن تمتد لقرون مضت كنا نعض بالنواجذ على القومية العربية، بدءا من الحركات المناوئة للعثمانيين في نجد والحجاز والشام ومصر في القرنين التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، ومرورا بعبدالناصر الذي مازال في نظر الكثيرين بطلا قوميا، وليس انتهاء بالبطل والعقيد والشريف والملك والمناضل والغضنفر، ومنذ ذلك الحين ونحن نتجرع الهزيمة تلو الهزيمة، وأحوالنا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وحتى الدينية تتردى يوما بعد يوم


ثم جاء رجب طيب أردوغان ليسدد لنا الضربات المتلاحقة والسريعة، لعله يعيدنا إلى شيء من الرشد، وعلينا أن نحمد الله أن أردوغان ليس عربيا، فلو كان كذلك لتبجح البعض باسطوانة القومية العربية المشروخة، وأنه ما نصرنا وأيدنا إلا لأجل ما بيننا من رابطة العروبة واللغة، ولعدنا القهقرى الى المربع الأول،  ولكن الله متم نوره ولو كره الكافرون


اليوم وقف معنا أردوغان التركي لأجل ما بيننا من رابطة الدين والعقيدة فقط لا غير، كما فعلها من ذي قبل صلاح الدين الأيوبي “الكرديحين دخل القدس فاتحا وحررها من أيدي الصليبيين


هنيئا لنا بزمان تعود فيه رابطة الدين والعقيدة، وتتكسر فيه  الروابط الهشة والحدود المصطنعة بين أبناء الدين الواحد ليتشرذموا في أكثر من 44 دولة (قابلة للزيادة) !!!!!


—————————————————————————————–  
قال لي وهو الرجل المؤمن الملتزم بدينه: “إني لَأشعر بالراحة في العيش والتعامل مع ابن مدينتي المخالف لي في العقيدة أكثر من حبي لابن المدينة المجاورة الذي يشاركني الدين والعقيدة”!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!


2009