الجمعة، 27 أبريل 2012

الخميس، 19 أبريل 2012

نظرة معاصرة في مصارف الزكاة - المؤلفة قلوبهم

تحدثت في تدوينة سابقة عن أهمية إعادة النظر في مصارف الزكاة وتوزيعها، وكيف أن الحال انقلبت اليوم لتشمل أصنافاً محددة تستأثر بكل إيرادات الزكاة، رغم حرص الفقهاء قديماً وحديثاً على التأكيد على أهمية توزيع الزكاة بشكل عادل يشمل الأصناف جميعاً، وذلك لما يحققه ذلك من فوائد اجتماعية واقتصادية مباشرة وغير مباشرة، وسأحاول في هذه التدوينة أن أسلط الضوء على سهم المؤلفة قلوبهم، وهي أكثر المصارف تضرراً نتيجةً لزعم البعض نسخها وعدم وجوب العمل بها مذ تم تعطيلها في زمن عمر بن الخطاب – رضي الله – عنه





وسيدور الحديث في محاور ثلاث:

1) من هم المؤلفة قلوبهم؟ وما هي أصنافهم؟ وأمثلة من السيرة النبوية.

2) تعطيل الحكم في زمن عمر بن الخطاب، أسبابه، وهل هو نسخ للحكم أم ظرف زمني مؤقت؟

3) نظرة معاصرة






من الثابت شرعاً أن للمؤلفة قلوبهم حقاً أصيلاً في أموال الزكاة بنص القرآن الكريم، بقوله تعالى في سورة التوبة "إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ..."، فكان هذا السهم ثابت بدليل قطعي، ثم جاءت السنة النبوية لتبين لنا ماهيّته، فوردت العديد من الأحاديث النبوية لأناس أعطى لهم الرسول عليه الصلاة والسلام من هذا السهم، وهم أصناف ما بين كفار ومسلمين:








1. فمنهم قوم حديثي عهدٍ بإسلام دخلوا فيه من غير أن يرسخ الإيمان في قلوبهم، وكان لهم تأثير في مجتمعاتهم لمكانتهم الاجتماعية، فأعطاهم الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وأجزل لهم العطايا تأليفاً لقلوبهم، وتقويةً لإيمانهم ليحسن إسلامهم لما في ذلك من مصلحة للإسلام، فلا ينقضوا ضده ويعينوا عليه، ومثال ذلك صناديد الطلقاء وأشرافهم الذين أعطاهم النبي عليه الصلاة والسلام في حنين كأبي سفيان، والأقرع بن حابس، وعيينة بن حصن، ومالك بن عوف، والعباس بن مرداس، وغيرهم كثير، وقد قال عليه الصلاة والسلام عن ذلك:

" إنِّي لَأُعْطِي الرَّجُل وَغَيْرُهُ أَحَبّ إِلَيَّ مِنْهُ خَشْيَة أَنْ يَكُبّهُ اللَّه عَلَى وَجْهه فِي نَار جَهَنَّم "








2. ومنهم من دخل حديثًا في الإسلام، فيعطى إعانة له على الثبات على الإسلام، وذلك أن الداخل حديثًا في الإسلام قد هجر دينه القديم، وضحى بما له عند أبويه وأسرته، وكثيرًا ما يحارب من عشيرته، ويهدد في رزقه، ولا شك أن هذا الذي باع نفسه وترك دنياه لله تعالى جدير بالتشجيع والتثبيت والمعونة.







3. ومنهم من يعطى لما يرجى من إسلام نظرائه، وهم قوم من سادات المسلمين وزعمائهم لهم نظراء من الكفار فإذا أعطوا رجي إسلام نظرائهم، واستشهدوا له بإعطاء أبى بكر -رضى الله عنه- لعدى بن حاتم والزبرقان بن بدر.







4. فمنهم من يُرجى إسلامه وإسلام قومه وعشيرته، وهم أشراف من العرب كان صلى الله عليه وآله يتألفهم ليسلموا، كصفوان بن أمية الذي أعطاه الرسول عليه الصلاة والسلام من غنائم حنين وهو يومئذٍ مشرك، فأسلم وحسن إسلامه.


يقول صفوان بن أمية: "أَعْطَانِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم حُنَيْن وَإِنَّهُ لَأَبْغَض النَّاس إِلَيَّ فَمَا زَالَ يُعْطِينِي حَتَّى إِنَّهُ لَأَحَبّ النَّاس إِلَيَّ" رواه مسلم.







5. ومنهم من يخشى شرهم فيُرجى بإعطائهم كفُّ شرهم.



وخلاصة ذلك أن المؤلفة قلوبهم يشتركون جميعًا في معنىً واحد هو قابليتهم لتآلف قلوبهم، وتحبيبهم إلى الإسلام، وتقريبهم من الدعوة ورجالاتها، وكسبهم إلى صفوفها، لما فيه مصلحة الإسلام الجامع وهي مختصرة كما يلي:



أنواع المؤلفة قلوبهم وسبب إعطائهم الزكاة
من المسلمين
من الكفار والمشركين
ضعيفي الإيمان من الزعماء (تثبيتاً لهم لما فيه مصلحة المسلمين)
الزعماء والقادة (طمعاً في إسلامهم، ونصرتهم)
حديثي عهدٍ بإسلام أي المسلمين الجدد (تثبيتاً لهم)
المعادون (لكف أذاهم، واتقاء شرهم)
مسلمون لهم نظراء من الكفار (طمعاً في إسلام نظرائهم)





المحور الثاني: والذي لا يمكن الا أن نتوقف عنده في حديثنا عن المؤلفة قلوبهم، هو ما حدث من عمر بن الخطاب رضي الله عنه في خلافة أبي بكر حين أوقف العمل بهذا الحُكم ورأى حرمان المؤلفة قلوبهم من سهمهم وصرفه إلى الأصناف الأخرى، وقد وافقه جمهور الصحابة على ذلك بما فيهم أبوبكر الصديق، مما أدى إلى انقسام الفقهاء حيال ذلك إلى قسمين: فمنهم من رأى أنه حكم ظرفي مؤقت، ومنهم من اعتبره نَسخٌ دائم لحكم المؤلفة قلوبهم.



وتفاصيل ما حدث أن رجلان جاءا إلى الخليفة أبوبكر الصديق، وطلبا منه أرضاً قائلين: إن عندنا أرضا سبخة ليس فيها كلأ ولا منفعة فإن رأيت أن تعطيها لنا، فكتب لهم كتابا بذلك - وليس في القوم عمر - فانطلقا إليه ليشهد لهما، فلما سمع عمر ما في الكتاب تناوله من أيديهما، وتفل فيه فمحاه، وقال لهما: "إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يتألفكما، والإسلام يومئذ قليل، وإن الله أغنى الإسلام وأعزه اليوم، فاذهبا فاجهدا جهدكما كسائر المسلمين، فالحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" فوافقه أبو بكر على ما فعل ورجع إليه، وقد وردت العديد من الأحاديث الأخرى ومن طرق مختلفة مؤيدة لهذا المعنى.



وما بدر من عمر وموافقة الصحابة له لا يعني بحال أنهم قد أبطلوا حكماً شرعياً وعطّلوا نصاً قرآنياً، وإنما كان ما فعلوه هو غاية الفهم لمقاصد التشريع الإسلامي، فإن الغاية من هذا التشريع هو إعزاز المسلمين، وإن إعطاء الأموال للمؤلفة في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان وسيلة لهذه الغاية، وبعد وفاة الرسول وكثرة المسلمين واختلاف ظروفهم، أصبحت عزة المسلمين بعدم إعطائهم؛ فإعطاؤهم في حالة القوة والكثرة إذلال للمسلمين، وإظهار لهم بمظهر الضعف والقلة، وكان عمر بن الخطاب هو أول من نبه الصحابة إلى حقيقة الوضع الإسلامي الجديد، الذي لا يحتاج معه إلى بذل الأموال أو مداراة الرجال، فكان غاية ما انتهوا إليه هو منع مؤقت لسهم المؤلفة لانتفاء مستحقيه في زمانهم لقوة المسلمين وعزتهم، ومما لا شك فيه أن الحكم بوجود المؤلفة من عدمهم، مرهون بوضع الجماعة الإسلامية حينها.



نظرة معاصرة


واليوم ونحن نعيش في هذا الظرف الذي تكالبت علينا فيه الأمم، وأصبح فيه المسلمون في ضعفٍ وهوان، لا بدّ وأن نعيد النظر في هذا السهم، فلا ينكر أحد تأثير العطاء المادي المتكرر في نفوس البشر، وإن تفاوتت درجته بين رجل وآخر؟ وإنّ تخلّي هؤلاء الرجال عن روح العداء يختصر طريق النصر الشاق، ويعطيهم الفرصة للاتصال المباشر بمبادئ الدعوة الإسلامية، فإذا ما تم لهم هذا الاتصال بها أحبتها نفوسهم وقلوبهم، وأعادوا النظر فيها، وما أدرانا لعلهم يقتنعون بها فيكون كسباً مزدوجاً، لهم وللإسلام.



ولو عدنا إلى الأصناف المذكورة آنفاً، لوجدنا في عصرنا الحالي آلاف الحالات التي ينطبق عليها وصف المؤلفة قلوبهم، وأضرب على ذلك مجموعة من الأمثلة –لا أدّعي صحتها، ولكنها تستحق البحث والمناقشة على الأقل-:



1. ضعيفي الإيمان من الزعماء (تثبيتاً لهم لما فيه مصلحة المسلمين)


ما أكثر هؤلاء، ففي كل قطر عربي هناك عشرات المسؤولين القادرين على إحداث تغيير إيجابي لما فيه مصلحة الإسلام والمسلمين، ولكنهم ضعاف الإيمان، وربما لا يعرفون من الإسلام إلا اسمه، فما الذي يمنع من إعطائهم جزء من الزكاة، وما الذي يقف في وجه دول الخليج لصرف جزء من أموال الزكاة لبعض المسؤولين في سوريا لكسبهم لصفوف الثورة المباركة ضد الظلم والاستبداد، ويدخل في هذا الصنف رجال الفكر والإعلام والمثقفين والكتاب الذين لهم صوت مسوع وكلمة مقروءة.



2. حديثي عهدٍ بإسلام أي المسلمين الجدد (تثبيتاً لهم)

وهؤلاء موجودون في كل بقاع الأرض، وهم في ازدياد مستمر بفضل الله، الا أن بعضهم يعاني بسبب ما يلاقيه من أهله وقومه من هجر ونكران، وهناك عشرات القصص لأقباط ويهود ونصارى عرب أسلموا فلاقوا من أهلهم ما لاقوا، وفي الخليج يسلم سنوياً مئات الأشخاص من الجنسيات الآسيوية ممن يعيشون ظروفاً صعبة، ألا يستحق هؤلاء أن يكونوا من المؤلفة تحبيباً لهم في الإسلام، وهم حديثي عهدٍ به.



3. الزعماء والقادة (طمعاً في إسلامهم، ونصرتهم)






وجّه نظرك إلى أي بقعة في جهات الأرض الأربع، لتجد أمامك العشرات بل المئات من المؤلفة قلوبهم ممن يندرجوا تحت هذا الصنف، في الصين والهند واليابان وبريطانيا وفرنسا وأمريكا والبرازيل وفي كل بقاع الأرض، ولا أدري لم تذكرت هنا المناضلة الأمريكية راشيل كوري والناشط الإيطالي فيتوريو أريجوني الذان يستحقان بجدارة أن يكونا من المؤلفة قلوبهم لولا أن أيدي الغدر امتدت إليهما، ومن الممكن أن يندرج تحت هذا الصنف أيضاً المشاهير بمختلف مشاربهم سواءً في مجال الرياضة أو الفن أو الإعلام، ألسنا نعيش اليوم في عصرٍ أصبح فيه هؤلاء قدوات لملايين البشر، إن صدى إسلام لاعب كرة عالمي واحد يفوق الأصداء التي تخلّفها حرب في وسط أفريقيا، وإن مجرد إشاعة إسلام مايكل جاكسون قبل موته تثير من الإهتمام ما يفوق موت ملايين البشر بسبب الفقر أو المجاعة.











4. المعادون (لكف أذاهم، واتقاء شرهم)

هذا الصنف، وإن كان موجوداً في كتب الفقه، وقد ذكره السادة العلماء، الا أنني لم أجد في السيرة ما يؤيده، ولذا فإني أتحفظ عن ذكر أمثلة معاصرة عليه، خصوصاً وأن ذلك يوافق هوىً في نفسي، فأنا لا أستسيغ إعطاء الرسام الدنماركي –السيء الصيت- أو شريف شحادة مثلاً من أموال الزكاة لكف أذاهم، علماً بأن السيرة النبوية تزخر بأحاديث على العكس من ذلك تماماً، فالرسول –صلى الله عليه وسلم- كان يأمر بقتل هؤلاء المعادين، ومثال ذلك قوله:

"اقتلوهم، ولو تعلّقوا بأستار الكعبة"
"من لكعب بن الأشرف؟ فإنه آذى الله ورسوله"
"من يكفيني عدواً لي؟"




5. مسلمون لهم نظراء من الكفار (طمعاً في إسلام نظرائهم)



6. وهناك صنف سادس لم يكن موجوداً فيما مضى، ولكنه ربما يكون أكثر الأصناف انطباقاً على المؤلفة قلوبهم، ألا وهو وسائل الإعلام والقنوات التلفزيونية، فكل انتاج إعلامي يساهم في تأليف قلوب الناس على الإسلام يدخل في هذا الباب: برنامج حواري، فيلم تلفزيوني عن حياة الرسول –صلى الله عليه وسلم-، مسلسل كرتوني للأطفال، برنامج لدعوة غير المسلمين...الخ، وقد قرأت مؤخراً لأحد الفقهاء المعاصرين رأياً يجيز صرف سهم المؤلفة قلوبهم إلى الإعلام الهادف لما له من تأثير، ولدوره الجوهري الهام في تعريف العالم برسالة الإسلام السامية.






كلمة أخيرة: إننا اليوم بحاجة لتعديل نظرتنا القاصرة تجاه فريضة الزكاة، فهي ليست مجرد مساعدات يدفعها الأغنياء للفقراء والمحتاجين، انما هي نظام اقتصادي متكامل شرعه الله لنا لتحقيق منافع اقتصادية واجتماعية مختلفة، ولن نستطيع أن نؤدي الزكاة حقها، بما يعود علينا وعلى مجتمعاتنا بالخير والرخاء حتى نغيّر نظرتنا إليها، ونتوقف عن ربطها بصنف واحدٍ فقط من أصنافها الثمانية.







الأربعاء، 11 أبريل 2012

نظرة معاصرة في مصارف الزكاة - مقدمة وتمهيد




أنزل الله كتابه الكريم ليكون رحمةً للعالمين، وجاءت السنة النبوية المطهرة مكمّلة له ومفسّرة، فكان التشريع الاسلامي المعجز من لدن حكيمٍ عليم، وكان هذا الدستور الرباني الصالح لكل زمان ومكان في شتى مجالات الحياة ولو كره الكافرون.




ومما جاء في القرآن وفي التشريع الاسلامي فريضة الزكاة، وقد أجمل القرآن فيها في بعض المواضع وفصّل في أخرى، فكانت المقادير والأنصبة من نصيب السنة النبوية لتفصّل فيها وتحدّدها، وامّا مصارف الزكاة فقد خصّها القرآن بالذكر والتفصيل بقوله تعالى في سورة التوبة:


"إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ، فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ"



وكان ختام الآية بقوله سبحانه



"وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ"





والمتأمل في هذه الآية يجد عدة إشارات:



الأولى تدور حول أهمية مصارف الزكاة، وكيف أن الله –سبحانه وتعالى- جعل الاجتهاد فيها في أضيق نطاق حين فصّل فيها ولم يُجمِل، فكان لهؤلاء الأصناف الثمانية حقاً أصيلاً في أموال الزكاة، لا يحق لأحدٍ أن يمنع عنهم هذا الحق في كل زمانٍ ومكان.



والثانية تكمن في قوله تعالى "فريضةً من الله"، ولم ترد هذه الجملة في القرآن الا في موضعين، الأول في سورة النساء في آيات الفرائض والمواريث، والثاني في هذه الآية، وهو الأمر الذي يدل على حرص الاسلام الشديد على ضمان حقوق العباد المالية التي قد تضيع على مستحقيها لعدم قدرتهم المطالبة بها، وبمزيد من التأمل نجد أن هذه الحقوق تتميز عن بقية الحقوق المالية من أجرةٍ ودينٍ وتجارةٍ وغيرها، بأن مستحقيها لا يملكون من الاثباتات ما يكفيهم للمطالبة بحقوقهم، وأنهم لن يحصلوا على هذه الحقوق مالم يمكّن لهم صاحب المال أو القيّم عليه ويعطيه إيّاهم طواعيةً، فجاءت الآية مخاطبةً لمن بيده المال ومؤكدةً له: "فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ"، دون غيرها من الفرائض من صلاة وصيام وحج.



والإشارة الثالثة ختم الله بها الآية "وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ"، مذكّراً إيانا بأنه هو العالم بما يصلح حالنا كأفراد ومجتمعات، وأنه ما فرض علينا هذه التقسيم دون غيره الا لحكمة ربانية، تكفل لنا الخير والسعادة في الدنيا والآخرة، وتساهم في تحقيق الرخاء والرفاهية للبشرية جمعاء، سواء عرفنا هذه الحكمة أم خفيت علينا.




وإذا كان المسلمون جميعاً، يعرفون الفقراء والمساكين ويدفعون جُلّ أموالهم لهم، فإن كثيراً من الفقهاء كانوا يرون بأن الزكاة لابدّ أن تُعطى للأصناف الثمانية جميعاً دون استثناء، ومنهم من جعل لكل صنف منهم سهماً مساوياً للأصناف الأخرى فلا يجوز إعطاء صنف أكثر من الآخر، ومنهم ن رأى أن الفرد لا تجزئه الزكاة ولا تسقط عنه مالم يعطي شيئاً –ولو يسيراً- لكل الأصناف ولو اضطر إلى أن يبحث عنهم خارج حدود وطنه، وبغض النظر عن صحة هذا الأقوال من عدمها، فإن ذلك يقودنا إلى حقيقة هامة وهي أن بعض الأصناف ظُلمت ظُلماً شديداً في عصرنا، وتم تغييبها –وإن بحسن نية-، رغم أن لها حقاً أصيلاً في المال، قدلا يقل عن حق باقي الأصناف، ومن هذه الأصناف: سهم المؤلفة قلوبهم، في الرقاب، والغارمين، وابن السبيل، وهل كانت الزكاة الا للفقراء والمساكين؟!!!



وفي هذه السلسلة، سأحاول أن أسلط الضوء على بعض هذه الأصناف المغيّبة، وبنظرة معاصرة، عسى الله أن يكتب لهذه الأمة أن تُعيد إحياء هذه الفريضة المنسيّة كما أوجبها علينا، وبالشكل المثالي الكامل الذي علم الله بحكمته أن فيه الخير لنا وللعالم أجمع، وذلك في محاولةً بسيطة لفتح آفاق جديدة للأفراد والحكومات في إخراج جزء من زكاة أموالهم للأصناف الأخرى جنباً إلى جنب مع الأصناف التقليدية.




نلتقي قريباً جداً في مدوّنة أخرى، وسهم المؤلفة قلوبهم.