الاثنين، 24 ديسمبر 2012

كريسماس أبو حصيرة


ماهذا السخف الذي نعيشه اليوم؟

 

أفهم تماماً أن يدخل أحدنا إلى مكتبه، فيلقي تحية الصباح على زميله المسيحي، ويهنئه بعيده من باب "الكلمة الطيبة صدقة"، كما أحترم تلك الفتاة التي تحتفظ بمعاني الودّ والوفاء لأصدقاء طفولتها فتتصل بهم في مثل هذا الوقت من العام كي تطمئنّ عليهم وتتمنى لهم أياماً سعيدة، وأفهم أن يحضر أحدنا هدية لزوجته (المسيحية) في يوم عيدها، وأقدّر ذلك الشاب المغترب الملتزم بدينه ومع ذلك لم ينسى أن يلقي تحية الصباح على زميل غرفته متمنياً له عيداً مجيداً.

 

 

ولكن ما لا أفهمه ولا أجد له معنىً هو أن تمتلئ صفحتي على الفيسبوك، بعشرات التهاني والتبريكات لإخواننا المسيحيين، وكأنه قد أصبح من (الواجب) علينا أن نبارك لهم أعيادهم، فما كان بالأمس يدخل في باب الأدب وحسن العشرة والمعاملة بالمثل، أصبح يدخل في باب (المندوب) أو ربما (الواجب)، وما كان حُكماً خاصّاً بمن يُخالِط أهل الكتاب ويعاشرهم، أصبح حكماً يشملُنا جميعاً، وما كنّا نفعله على استحياء ضرورةً أو استثناءً، أدباً أو دعوةً، أصبحنا نُجرّم من امتنع عنه ونتهمه بالتقصير في الدعوة إلى الله!!!

 

 

عملت في الشركات الأجنبية –الأمريكية منها والفرنسية- لمدة تزيد على الست سنوات، ولا أذكر يوماً أن ميشيل قد اتصل بي صبيحة عيد الإفطار ليتمنى لي صياماً مقبولاً، أو أن مايكل قد قام مشكوراً بإهدائي جرساً صغيراً أعلّقه على رقبة خروفي، كل ما أذكره هو أن طوني قد قابلني ذات مرّة عند المصعد فقال لي بلكنته اللبنانية (ينعاد عليك حبيب قلبي).

 

 

ومما أعجب له أيضاً هو ذلك الاتجاه المحموم نحو إبعاد مفهوم الدين في رسم حدود العلاقة التي تربطنا بالآخر، وإذا كان بعضنا يؤمن بأن الكثير من الغربيين لم تقم عليهم الحجة - ولهم كلّ الحقّ في ذلك، فهو رأي غير واحدٍ من العلماء-، وأنهم إخواننا في الإنسانية، وأن كثيراً منهم ربما يكونوا خيراً من كثير من المسلمين، فإن ذلك لا يعني بحالٍ من الأحوال أن ذلك يشمل نصارى العرب ومسيحييهم، فهؤلاء قامت عليهم الحُجّة بلا خلاف، وبالتالي فمن أراد أن يقوم بواجب (التهنئة) فأرجو أن يجعلها بالإنجليزية، ولو أصرّ على استخدام لغة القرآن، فليس هناك حاجة في أن يبدأ تهنئته بمخاطبتهم بكلمة (إخواننا).

 

 

لن أعترض على فعلكم، ولكم أن تُهَنِّؤوا من شئتم، ولكني أتمنى عليكم أن تكونوا صادقين مع أنفسكم، فتحترموا عقولنا، وتنصبوا ميزاناً واحداً عدلاً لا يكيل بمكيالين -لئلّا يُسيء فهمكم ضعاف النفوس مثلي فيتهمونكم ب(النفاق) و(التبعية)، وحاشاكم أن تكونوا كذلك-، كل ما أرجوه منكم أن تعاملوا الجميع بالمثل، فأفتح صفحتي يوم (النيروز) لأجد تهانيكم لإخواننا الفرس، وأفتحها يوم (الديوالي) لأجدكم قد أديتم الواجب في حق إخواننا الهنود، وألّا ننسى إخواننا وأبناء عمومتنا من اليهود في شتى بقاع الأرض في عيد فصحهم - بس يا ريت تستثنوا اليهود المقيمين في الأراضي المحتلة لأنهم أعداء-، وجلّ ما أتمناه أن تؤدوا الواجب في حق الأقليات من الدروز والعلويين والشيعة والبهائيين، فهم أكثر فرحاً بتهانيكم وتبريكاتكم.

 

 

أستأذنكم الآن كي أذهب لشراء الشمعدان كهدية لصديقي اليهودي، وهنيئاً مقدماً لإخواننا اليهود بمناسبة قرب احتفالهم بمولد "أبو حصيرة"أستأذنكم الآن كي أذهب لشراء الشمعدان كهدية لصديقي اليهودي، وهنيئاً مقدماً لإخواننا اليهود بمناسبة قرب احتفالهم بمولد "أبو حصيرة"أستأذنكم الآن كي أذهب لشراء الشمعدان كهدية لصديقي اليهودي، أستأذنكم الآن كي أذهب لشراء الشمعدان كهدية لصديقي اليهودي، وهنيئاً مقدماً لإخواننا اليهود بمناسبة قرب احتفالهم بمولد "أبو حصيرة"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق