الأربعاء، 2 يوليو 2008

كرة صفراء أم صحافة صفراء



دعاني صاحبي ذات يوم، لحضور فعاليات بطولة دبي للتنس، دخلنا الملعب وأخذنا مواقعنا في آخر المدرجات لئلا يرانا أحد فقد بدونا كالغرباء بزينا المحلي، كانت المباراة الأولى بين الإماراتي صاحب الأرض وال………. صاحب الجمهور، وهذه ميزة تحسب لإمارة دبي، فهي أول مدينة تحتضن بطولة يكون فيها صاحب الأرض غير صاحب الجمهور، بدأت المباراة بضربات متلاحقة كنت أركز نظري فيها على الكرة الصفراء والتي حركت في داخلي ذكريات الماضي، كانت المرة الأولى التي أعرف فيها أن هذه الكرة لها استخدامات أخرى غير التي نعرفها أيام المراحل الدراسية المختلفة، ولا أعرف لماذا يصر هؤلاء المحترفون على استعارة كرة القدم الصفراء ليلعبوا بها التنس!!!!! 


كانت البداية في المرحلة الابتدائية، حيث كنا نصل باكرا قبل الطابور الصباحي ب13 دقيقة، فكان لابد لنا من استغلال الوقت بشيء مفيد، فكان الملعب هو باحة المدرسة وكانت الكرة صفراء صغيرة، كانت الباحة تحتضن خمس مباريات بين عشر فرق مختلفة بالاتجاهات الخمسة في الوقت نفسه وكان اللعب متقاطعا بشكل عجيب أشبه ما يكون بشبكة العنكبوت إضافة إلى المارة بأنواعهم المختلفة، ومع ذلك فقد كان كل فريق يعرف كرته جيدا وكان كل لاعب يميز منافسيه عن غيرهم (لا تسألوني كيف؟)، وكنا بعقولنا الصغيرة وأجسامنا الرشيقة (قبل تجمع الدهون والشحوم) نلعب ثلاث مباريات في اليوم على الأقل (صباحا وفي الفسحة وقبل الانطلاق ثم أصبحت أربعة بعد نظام الفسحتين)، ولا أعرف إلى اليوم لماذا كنا نحرص على اللعب ضد نفس الفريق المنافس كل يوم؟ لم يفكر أحد يومها باللعب ضد فريق منافس آخر!!!!! 


ثم جاءت المرحلة الإعدادية فالثانوية، حيث النقلة النوعية والمدارس الحكومية، كانت الملاعب واضحة الحدود، وكانت كل مباراة تلعب على ملعب مستقل فالملاعب كثيرة وموزعة في أرجاء المدرسة وبين الفصول، والأجمل من ذلك كله أن كل ملعب كان مزودا بمرميين مناسبين من الطوب، وكان أكثر ما يضايقني أن البعض كانوا يستخدمون المرمى للجلوس عليه (ويزعمون بكل وقاحة انه معد للجلوس أصلا)، اتفقت أنا وزملائي على إقامة دوري بيننا بدلا من اللعب العشوائي، وبدأ التسجيل، كان كل فريق يتكون من ثلاث لاعبين وواحد احتياط، أذكر حينها أن أغلب طلاب الشعبة كانوا مشاركين فقد كان عدد الفرق ستة أو سبعة، كانت مدة كل مبارة عدة دقائق، وكان على كل فريق مقابلة الفرق الأخرى جميعها، كنا نلعب عدة مواسم في الفصل الدراسي الواحد، كانت حصة العربي هي الوقت الأنسب لإعداد جداول المباريات وجدولة ترتيب الفرق بعد كل جولة، وكان زميلي يقوم بنسخها بيده لتوزيعها على بقية الفرق، كانت لجنة الحكام تعين الحكام لكل مباراة وتنظر في الشكاوي، وكانت العقوبة في انتظار الحكم عند تكرار الشكاوي بمنعه من التحكيم علاوة على العقوبة النفسية، وكان هناك لجنة للبت في الطلبات الخاصة بتغيير موعد المباريات (لوجود امتحان بعد الفسحة أو لغياب فلان لمرضه) وكانت القرارات دوما مرضية لجميع الأطراف، كان الفصل شعلة من النشاط فالكل مشارك ولو بالتشجيع وحضور المباريات، أصبحت الطلبات تأتينا من فصول أخرى للانضمام لدورينا للمحترفين، صار دورينا حديث المدرسة، وشدد الأساتذة الرقابة علينا أثناء الحصص للقبض علينا متلبسين ومصادرة نتائج المباريات وإتلافها أمامنا (لكن الذاكرة كانت دوما حاضرة)، واستمر دورينا للمحترفين عدة سنوات يحقق النجاح تلو النجاح.


رغم حداثة التجربة، وانعدام الخبرة عندي وعند زملائي، وبساطة عقولنا، ورغم وجود العقبات (المدرسون، الامتحانات، المدير، المراقبون، الطلبة الأكبر سنا) إلا أننا استطعنا إقامة دوري ناجح بكل تفاصيله، كانت اللوائح والقوانين واضحة، وكانت جداول المباريات مرنة إلى أبعد الحدود وخالية من التضارب (كان هذا أعظم الانجازات)، وكان الموسم دوما ينتهي في موعده وقبل موعد الامتحانات الفصلية النهائية، فهل يا ترى سيكون دوري اتصالات للمحترفين كدورينا لكرة القدم الصفراء، أم أن أخباره ستكون المادة الدسمة للصحافة الصفراء؟!!!!!!!!!!!!!!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق